Sunday, May 29, 2011

Arab Leaders قادة العرب

الحمد لله انعقدت قمة العرب. مع أن الانعقاد الدوري للقمة لم يعد يجعل مجرد انعقاد القمة إنجازا هائلا كما كان الحال قبل تسعة أعوام، إلا أن عالم العرب الذي تتوقع فيه أي شيء يجعل من مجرد تنفيذ ما سبق الاتفاق عليه إنجازا كبيرا يستحق الاحتفاء.

القمم العربية في أغلب الأحيان تسودها إجراءات وقرارات معلبة سابقة التجهيز. لكن في القمم العربية دائما ما يبعث على الإثارة ويكون سببا في التسلية. مصدر الإثارة يأتي عادة من قادة عرب يعشقون لفت الأنظار بالإتيان بغريب التصرفات. العقيد القذافي لم يغير عادته فكان مصدر الإثارة الأكبر في القمة العربية. ملابس قائد الثورة الليبية الفريدة يترقب العرب تصميماتها المميزة في كل مناسبة عامة يشارك فيها الأخ العقيد. مقاطعة العقيد القذافي لكلمة أمير قطر للرد على كلمات وجهها له العاهل السعودي قبل سنوات في قمة الجزائر كانت هي الحدث الأكثر إثارة في القمة. ما ظننا أنه انتقاد علني وجهه القائد القذافي لخادم الحرمين الشريفين تبين أنه عتاب رقيق يمهد لمصالحة.

الرئيس اليمني غادر القمة غاضبا قبل جلستها الختامية احتجاجا على عدم وضع وجهة نظر بلاده في إصلاح مؤسسات العمل العربي المشترك ضمن جدول أعمال القمة. أتيحت لي فرصة الإطلاع على المشروع اليمني الذي سبق للبرلمان العربي تبنيه ولم أجد فيه أفكارا قادرة على استنهاض العمل العربي من أزمته، ولا شيئا يمنع العرب من طرحه على جدول أعمال قمتهم ، ولا شيئا يستحق إثارة غضب الرئيس اليمني بسبب عدم طرح الأفكار اليمنية على القمة.

تم اختصار أعمال القمة العربية إلى يوم واحد بدلا من يومين. القائمون على تنظيم القمة كانوا متشوقون لعقدها للفوز بالشرف، بقدر ما كانوا متشوقون لإنهائها بسرعة تجنبا لمزيد من الإثارة التي قد تصل فيها جرعة التسلية إلى مستوى الحرج. التسلية والإثارة التي يتوقعها العرب عندما تنعقد قمة تجمع قادتهم غير مألوف في مناطق العالم الأخرى. هناك شيء فريد في القادة العرب يجعل بينهم عددا لا بأس به من القادة الذين يحبون التصرف بطريقة مثيرة للجدل. لا بد أنك لاحظت أن بين قادة العرب نسبة كبيرة من القادة الذي وصلوا للحكم عبر انقلابات عسكرية. قائمة الرؤساء الانقلابيين تضم رؤساء ليبيا واليمن وموريتانيا وقطر والسودان. لا أظن أنه من قبيل المصادفة أن القادة العرب الذي وصلوا للحكم في بلادهم عن طريق الانقلاب العسكري هم أنفسهم مثيري الجدل وأسباب الإثارة والتسلية في قمم العرب. قادة الانقلابات ليسوا أشخاص أو قادة عاديين يحترمون المؤسسات والقواعد المتبعة. الانقلابات تطورات غير عادية في تاريخ الأمم، والقادة الانقلابيون قادة فوق العادة في تاريخ بلادهم. إنهم من النوع الذي لا يتورع عن الإتيان بنادر التصرفات في بلادهم وفي الإقليم أيضا. الانقلابيون مغامرون لا يخشون ركوب المخاطر لا في بلادهم ولا في العلاقات مع جيرانهم. جانب كبير من تفسير السياسات والتصرفات المثيرة للجدل لكثير من القادة العرب ليس له كثير علاقة بالسياسة بقدر ما له علاقة بطبيعة شخصيات القادة وما فيها من عناصر خارقة للعادة.

المصدر: عمود "نظرة" ـ جريدة نهضة مصر ـ القاهرة
التاريخ: 01 أبريل 2009

No comments: